أدب الأطفال والتنشئة السوية
يُقصد بأدب الأطفال ذلك الأدب الذي يتم تأليفه للصغار بهدف الاستفادة من نقل المعلومة إليهم في قالب من التشويق والمتعة، ويهدف أدب الأطفال إلى تنمية أخلاق وحياة الطفل وتشبعه بالقيم الأصيلة النافعة له ولمجتمعه، كما يعتبر وسيلة تسهم في النهوض بالمجتمع كله من خلال النهوض بأطفاله وتنشئتهم التنشئة السوية.
إن أدب الأطفال متجذر في التراث العربي القديم من خلال قصص كليلة ودمنة وقصص السندباد وغيرها، ومن أهم الرواد الذين كتبوا في أدب الأطفال في العالم العربي رفاعة الطهطاوي وأمير الشعراء أحمد شوقي وغيرهما. ومن أهم أنواعه الرواية والقصة والأغاني والأشعار والكتب بمختلف أنواعها والمسرح، ولم يقتصر أدب الأطفال في العصر الراهن على النتاج المقروء فحسب وإنما تجاوزه ليستصحب كافة وسائط التقنية الحديثة للعرض المشوق فيها.
ويتم إخضاع كافة أشكال أدب الطفل إلى الدراسات النفسية والتربوية بغية التقويم والاستفادة من مخرجاته، حيث لم يعد أدب الأطفال مرتكزاً على الحكي والتلقين للقيم الأخلاقية والاجتماعية بل أضحى يُوظف بشكل احترافي للوصول إلى إحداث المعرفة والتخيل والثقافة وإدراك الصغار للمعاني والأخيلة التي يحتويها أدبهم من خلال تصويره للعواطف الإنسانية والظواهر الطبيعية والاجتماعية، كما يؤدي إلى تعليم الأطفال اللغة والأدب ويعمل على تنشئتهم على الأخلاق الحميدة ويربطهم ببيئتهم ويعرفهم بالأنبياء والصحابة وأوطانهم وقادتها وعلمائها فضلاً عن إلمامهم بمعلومات كثيرة في شتى جوانب حياتهم.
وفي الوقت الراهن فإن هنالك شحاً في الكتابة في هذا الجانب المهم لصغارنا، بجانب ندرة دور النشر الخاصة بأدب وكتب الأطفال، كما يُلاحظ أن كثيراً من القصص الخاصة بالصغار هي قصص أجنبية خطتها أقلام أجنبية وتتناول ثقافات أجنبية دخيلة على بعض قيمنا الإسلامية مما يعرض صغارنا للتغريب الثقافي والاستلاب الفكري.
وهنالك عدة مقترحات لتفعيل أدب الأطفال حيث يقع على عاتق المختصين القيام بعملية التأليف لمواد وطنية في هذا الجانب وتحديد ما يصلح ترجمته لأطفالنا من الآداب الأخرى، وعلى مدارسنا التركيز على حصص المكتبة للاستفادة الفعلية من أدب الأطفال فيها، بجانب تشجيع الجامعات لتوجيه مراكز البحث فيها للقيام بدراسات عن أدب الأطفال وتقسيمه إلى فئات عمرية كسنوات الروضة والطفولة المبكرة ومرحلة المراهقة وغيرها.
ختاماً فإن مرحلة الطفولة تمثل ركيزة صلبة لبناء الفرد والمجتمع كله والعناية بها يُعد مؤشراً حضارياً لإيجاد مواطن قادر مستقبلاً على الإسهام في نهضة وتقدم وطنه.
ساهم بإثراء النقاش حول هذا المحتوى