الخلافات الزوجية أمام الأولاد.. ما هي تبعاتها وكيف نتجنبها؟
إن العلاقة الزوجية بين الوالدين والطريقة التي يحلان بها مشاكلهما يومياً هي أمر مهم جداً لصحة طفلهما النفسية والجسدية والذهنية.
شعور الطفل بالأمان يكون موجوداً عندما يكون والداه على وفاق، فهذا يمنحه القدرة على اكتشاف العالم من حوله بكل حرية وثقة.
الخلافات الزوجية أمر لا يمكن تجنبه، وهو أمر طبيعي في كل زواج، لكن في الحديث عن تداعيات المشاكل الزوجية على الأطفال، فإن الأهم مما إذا كان الوالدين يتشاجران أمام أولادهما أم لا هو كيف يكون هذا الشجار وما مدى حدته وكيف يُحل في نهاية الأمر، وكيف يشعر الأطفال حياله! بشكل عام، إذا كانت الخلافات بسيطة أو معتدلة، واستطاع الوالدين التعامل معها بالنقاش البناء وبإظهار الحب والاحترام والدعم والتفهم والمشاعر الإيجابية، فإنه يمكن للأطفال تعلم الدروس الإيجابية واحترام الذات وتطوير مهاراتهم الاجتماعية بشكل أفضل وزيادة ثقتهم بأنفسهم.
من المهم أن يفهم أطفالنا أن الإحساس بالغضب هو شعور طبيعي ومشروع، يمكن التعبير عنه بطريقة سليمة باستخدام عبارات تعبر عن ذواتهم وآرائهم الشخصية عن طريق التواصل والنقاش، مثل “أنا اشعر… أنا أحس…”.
بما أن التواصل الصحي والتعبير العاطفي يطمئن الأطفال أنه يمكن للوالدين تخطي كافة خلافاتهما والتحديات التي يواجهانها، ويعلمهم كيفية التعامل مع الغضب والتعبير عن مشاعرهم بدل كبتها. عندما يتم التعامل مع الخلافات بطريقة بناءة، يتعلم الأطفال أن الزوجين قد يختلفان ويتجادلان حول قضايا كثيرة، دون أن يؤثر ذلك على سعادتهما وحبهما لبعضهما.
في المقابل، فإن هناك دراسات واضحة عن أن الخلافات المستمرة والنقاشات الهدامة بين الزوجين تؤدي إلى مشاكل عديدة لدى الأطفال في كافة الأعمار، مثل قلة الثقة بالنفس، وقلة احترام الذات، والاكتئاب والحزن، واليأس، والتفكير في الانتحار، والقلق المفرط، وتعاطي المخدرات، ومشاكل في التأقلم مع أي شيء جديد، وحالات الخوف الشديدة والمستمرة.
ويمكننا تصنيف هذه المشاكل كما يلي:
1. المشاكل العاطفية والاجتماعية
قد يصاب بعض هؤلاء الأطفال باضطرابات خارج منازلهم فيتعاملون مع الغضب بطريقتهم ليظهروا العدوانية والعديد من المشاكل السلوكية في البيت والمدرسة.
اجتماعياً، الأطفال الذين يعيشون في مثل هذه البيئات القلقة والمليئة بالنزعات الهدامة يعانون عادةً من مشاكل في علاقاتهم الحميمية، فلا يستطيعون تكوين علاقات صحية وسليمة بسهولة.
2. مشاكل جسدية وصحية
يمكن أن يصاب الأطفال الذين يكبرون في المنازل المليئة بالصراعات بمشاكل جسدية وصحية مثل المرض المتكرر وانخفاض المناعة وزيادة مستويات الكورتيزول ومشاكل الأوعية الدموية والصداع وآلام المعدة، بالإضافة إلى مشاكل النوم كصعوبة النوم والكوابيس.
تشير بعض الأبحاث إلى أنه وحتى عمر الستة أشهر، الأطفال الذين يشهدون المشاحنات بين الوالدين والعداءات من حولهم يزداد ضغط الدم لديهم!
فالأطفال الرضع يمتصون هذه الصراعات ويحاولون معرفة معانيها حتى لو لم يفهموا الكلمات المنطوقة.
3. مشاكل في التعلم
وهي شائعة أيضًا حيث يشعر الأطفال بالتهديد والقلق والتوتر المستمرين، ويؤثر ذلك على قدرتهم على التركيز أو الحفظ أو إكمال الواجب المدرسي أو الدراسة للاختبارات.
4. الاستراتيجيات المدمرة والعدائية التي قد يستخدمها الأزواج فيما بينهم والتي يمكن أن تلحق الضرر بأطفالهم
بما في ذلك:
- الإساءة اللفظية مثل إطلاق الألقاب والتهديد بالهجر والشتائم
- العنف الجسدي مثل الضرب والدفع وإلقاء الأشياء
- اتباع أساليب الصمت والتجاهل ورفض التعاون والتواصل
- الاستسلام والانسحاب مثل الاستسلام لإنهاء الجدل بدلاً من إيجاد حل حقيقي للمشكلة.
بشكلٍ عام فإن الأطفال يتعلمون ما يعيشونه ويختبرونه وهم لن يستطيعوا التعايش أو الاعتياد على الضغوط العائلية. لذلك، فإنه من المهم أن نلتزم بتجنب الشجار بطريقة هدامة أمام الأطفال.
في مقال سابق لي، ناقشت الطرق التي يجب التعامل بها مع الخلافات بشكل بناء.
وفيما يلي بعض الأدوات الإضافية التي ستساعدكم كأزواج على حل النزاع بشكلٍ بناء وتبقي على المحبة في العلاقة وتعطي أطفالكم مهارات فعالة لحل المشكلات والتواصل:
1. الابتعاد قليلاً
بصرف النظر عما يفعله الشريك، وإذا كان الغضب يتصاعد والخلاف يخرج عن السيطرة، أتركوا نقاشكم مباشرة، لأن الاستمرار سيضر أكثر مما ينفع.
تدربوا على التحكم في سلوكياتكم الاندفاعية كوسيلةٍ للمحافظة على أجواء من الحب والرعاية للأطفال. ضعوا دائماً في اعتباركم أن سلامهم ورفاههم أهم من الانفجار غضباً.
2. اكتبوا مشاعركم وأفكاركم
هذا سيساعدكم على تذكر النقاط التي تريدون مناقشتها لاحقاً وأنتم هادئون وتفكرون بوضوح. واحرصوا على اختيار موعدٍ مناسب لمناقشة الخلاف في غياب الأطفال.
3. قوموا بالالتزام بمناقشة الخلافات بخصوصية والاتفاق على إشارةٍ مرئية.
اتفقوا على إشارةٍ مرئية مثل رفع اليد، للإشارة بأن الخلاف يحتدم وأنكم بحاجة إلى وقت مستقطع من النقاش. خذوا نفساً واتفقوا على النقاش في وقتٍ لا يتواجد فيه الأطفال.
4. الانفتاح على الطرف الآخر، وتبادل المشاعر الحقيقية
استكشفوا وعبروا عن الأسباب التي تدفعكم إلى كل هذا الغضب. هل هو الخوف أم الأذى أم الحزن أم الإحباط (أم جميعهم)؟ بعد القيام بذلك، قوموا بالتكلم عن احتياجاتكم بهدوء ومباشرةً وبشكل محدد. لا تفترضوا أن الشريك يقرأ الأفكار أو يعرف مشاعر الطرف الآخر واحتياجاته.
5. اجعلوا التعاطف بوصلتكم
ليخبر كل منكما شريكه في بداية النقاش أنه يستطيع رؤيته وسماعه وأنه يهتم لأمره، ويريد أن يفهمه. على سبيل المثال: “أنا أتفهم أنك تتعرض لضغط كبير في العمل، ولكن أود أيضًا أن نقضي وقتًا عائليًا معاً”.
6. البداية من جديد
تذكروا دائماً أن كل شريكين يجمعهما الحب، وأضيفوا كلمات للتودد والتحبب في نقاشاتكم دائماً مثل: حبيبي، عمري، حياتي..
7. ابحثوا معًا عن حلٍ كفريق واحد
افترضوا دوماً حسن النوايا، وحلوا المشاكل معًا بشكل تعاوني وليس تنافسي وفي وقت تكونون فيه هادئين.
تأكدوا من أن كلا الشريكين “يملك” الحل ويتحمل المسؤولية عن الجزء الخاص به، مع اقتراح إجراءات مختلفة يمكن لكما اتخاذها بدلاً من إلقاء اللوم على الآخر.
8. تحدثوا بلطف وحنان
أعيدوا تأكيد الروابط بينكم، على سبيل المثال، عناق أو قبلة أو النظر إلى الأعين والتمتع بالسلام بعد حل الخلافات واتخاذ قرار بشأن خطوات العمل المستقبلية.
9. إصلاح الأضرار
إذا كان أطفالكم قد شهدوا مشاجراتكم، فيمكنكم إخبارهم: “لقد كان ماما وبابا غاضبين. في بعض الأحيان، يختلف الناس فيما بينهم ويمكننا فهم أنه ربما كان من المخيف لك أن ترى ذلك. لكننا ما زلنا نحبك وما زلنا نحب بعضنا البعض” زودوا أطفالك بتأكيدات على حبكم لهم واذكروا الأشياء التي تجعلهم مميزين وفريدين.
المصدر: أمهات360
ساهم بإثراء النقاش حول هذا المحتوى