الإمارات.. جهود نوعية لدعم جودة الحياة في المجتمع
تشارك الإمارات دول العالم الاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية، الذي يصادف 10 أكتوبر من كل عام، تحت شعار «جعل الصحة النفسية والرفاهية للجميع أولوية عالمية»، في ظل جهود متواصلة لمؤسسات الدولة المعنية في تقديم المبادرات والخدمات التي تساهم في دعم المجتمع وإطلاق العديد من البرامج الداعمة للصحة النفسية وجودة الحياة.
وأكد الدكتور يوسف محمد السركال مدير عام مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، حرص المؤسسة على تعزيز خدمات الصحة النفسية الشاملة والمتكاملة وتبني المشاريع الذكية والمبتكرة لتحسين الصحة النفسية وجودة حياة جميع أفراد المجتمع الإماراتي بمختلف مكوناته، بالإضافة إلى إطلاق حزمة متكاملة من البرامج ومبادرات التوعية الداعمة للصحة النفسية بالمجتمع، وفرتها قنوات التواصل الذكي التابعة للمؤسسة لتقديم خدمات صحة نفسية وفق أعلى المعايير العالمية، مشيراً إلى أن المؤسسة أطلقت العديد من المشاريع والمبادرات النوعية الخاصة بتوفير الدعم والمساندة النفسية للكوادر الصحية بغرض تعزيز قدراتها وتمكينها من تقديم خدمات الصحة النفسية للأفراد بكفاءة وجودة.
وأوضح السركال أن المؤسسة أطلقت باقة من المبادرات المتخصصة بمجال الصحة النفسية، كمبادرة «نصلكم»، وتشمل تفعيل عيادات الإرشاد الصحي في مراكز الرعاية الصحية الأولية، وكذلك «العيادة الإلكترونية للصحة النفسية المجتمعية»، ومبادرة «تحدث لنسمعك»، لتقديم الاستشارات النفسية لأفراد المجتمع، والوحدة الإلكترونية للكشف المبكر عن التوحد وبرنامج الكشف المبكر عن الخرف باستخدام الذكاء الاصطناعي ومبادرة الدعم النفسي لمقدمي الرعاية الصحية.
وأضاف إن اليوم العالمي للصحة النفسية، الذي تحتفي به المجتمعات في العاشر من أكتوبر من كل عام، يعد فرصة لتعزيز الوعي باضطرابات الصحة النفسية، والتعريف بدور سلامة الصحة النفسية في رفد الحراك التنموي في المجتمع، بالإضافة إلى رفع وتيرة الجهود من أجل دعم الصحة النفسية، وتحقيق أهداف المؤسسة الساعية إلى تعزيز جودة الحياة عبر ما توفره من خدمات صحية نفسية تستند إلى أفضل الممارسات الصحية الحديثة، موضحاً أن المؤسسة ماضية في مسيرتها الهادفة إلى تحقيق السعادة والرضا عن مستويات الرعاية للصحة النفسية وأنماط الحياة الصحية لدى مختلف أفراد المجتمع، باعتبارها من أبرز مؤشرات جودة الأداء والكفاءة لتحقيق نظام صحي بمعايير عالمية.
دليل
بدورها، أطلقت «دائرة تنمية المجتمع – أبوظبي»، تزامناً مع اليوم العالمي للصحة النفسية، «دليل الوالدين للصحة النفسية» لتعزيز وعي الوالدين على الفهم الصحيح والتعامل مع مفاهيم الصحة النفسية وتمكينهم من العيش في بيئة أسرية صحية.
ويأتي إطلاق هذا الدليل في إطار الجهود المستمرة للدائرة لتقديم مبادرات وخدمات تساهم في دعم المجتمع وشرائحه المختلفة بالتعاون مع شركائها في القطاع الاجتماعي والصحي في إمارة أبوظبي.
ويوفر الدليل، الذي أعدته كل من «دائرة تنمية المجتمع بأبوظبي» و«هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة» و«مركز أبوظبي للصحة العامة»، كل ما يحتاجه الوالدان من معلومات ومفاهيم عن التعامل مع ضغوطات الحياة اليومية والمضي نحو حياة مستقرة وصحية.
كما يتناول الدليل أهمية الصحة النفسية وكيف تؤثر على سلوكيات الأفراد والأسر وأفكارهم ومشاعرهم وانعكاس ذلك على حياتهم اليومية وقدرتهم على التكيف مع الضغوط النفسية… فيما يتطرق الدليل إلى العوامل المؤثرة في الصحة النفسية، مثل العلاقات ونمط الحياة والعوامل الخارجية والعوامل الذاتية.
وأكدت الدكتورة ليلى الهياس، المدير التنفيذي لقطاع التنمية المجتمعية في دائرة تنمية المجتمع – أبوظبي، حرص الدائرة على إطلاق المبادرات التي تدعم الصحة النفسية، من مثل «دليل الوالدين للصحة النفسية»، مشيرة إلى سعي الدائرة المستمر لتنفيذ مبادرات وخدمات تتناسب مع متطلبات أفراد المجتمع واحتياجاتهم، وتتيح لهم سبل وأدوات التعامل مع الضغوطات النفسية.
وقالت الهياس: يعنى «دليل الوالدين للصحة النفسية» بمختلف الجوانب النفسية للوالدين، مع التركيز على تمكينهم من مواجهة ضغوط الحياة، ودعم قدراتهم الفردية للتعامل مع الظروف الاجتماعية والمواقف الصعبة التي قد يتعرضون لها.
كما يعد الدليل خطوة مهمة في إطار مساعينا الرامية إلى رصد وتحديد ومعالجة التحديات الاجتماعية، وتوفير الرعاية والخدمات الفعالة وعالية الجودة للجميع، لضمان تحقيق الرفاه الاجتماعي لجميع سكان أبوظبي، وترسيخ مكانة الإمارة وجهة مثالية للحياة.
تحسين
ويستعرض الدليل أيضاً كيفية السعي لتحسين الصحة النفسية من خلال تحسين جوانب حياتنا اليومية عبر بناء علاقات صحية والحفاظ عليها، والاستمتاع بالحياة واستكشافها، والإنتاجية والكفاءة في العمل، والقدرة على الإسهام في المجتمع، والقدرة على التكيف مع الضغوط النفسية، والتغيرات وحالات عدم اليقين، والوقاية من الأمراض النفسية والجسدية.
كما يلفت الدليل النظر إلى بعض الاحتياجات النفسية والاجتماعية والجسدية التي لا بد من تلبيتها أولاً لتحسين الصحة النفسية، ومنها إيجاد شبكة علاقات داعمة، والوعي، والتعامل مع الضغوطات النفسية وكيفية التعامل معها من خلال استراتيجيات التكيف كالحرص على عدم السماح لمواقف معينة في التسبب بضغوط نفسية، والتحدث بوضوح عن المخاوف مع شريك الحياة أو الأصدقاء أو اختصاصي الصحة النفسية، وكذلك تقبل فكرة ارتكاب الأخطاء والمرور بمواقف عصيبة.
ويستعرض الدليل أيضاً دور العلاقات في الصحة النفسية، حيث يبحث العلاقة مع شريك الحياة مركزاً على أن التواصل بينهما هو صميم الحفاظ على قوة العلاقة واستدامتها، كما يبحث العلاقة مع الأطفال وانعكاس ذلك على صحة الأب والأم، ويتطرق كذلك إلى العلاقة مع زملاء العمل وضرورة تلبية متطلبات علاقة العمل الصحية، مثل الاحترام والتواصل الفعال والسرية والثقة والوعي بالذات والحدود.
من جانبها، أكدت مهرة القبيسي، مدير إدارة الإيواء والرعاية الإنسانية، عن الرعاية المقدمة والبيئة الداعمة التي يوفرها المركز للأطفال المقيمين في دور الإيواء، بحيث يتخطون تجارب العنف التي مروا بها.
وقالت لـ «البيان»: إن المركز يحرص كل الحرص على توفير الاحتياجات والمتطلبات الأساسية والثانوية التي تساهم في منحه ظروفاً آمنة وحياة أفضل، ومنها متابعة مستواه الدراسي وعلاج مشكلاته وإشراكه في الأنشطة الرياضية والفنية والثقافية وإكسابه مهارات جديدة وتوجيه طاقاته لما يفيده، وذلك بينما يقوم المركز بدراسة الحالة الاجتماعية والظروف المحيطة التي نتج عنها العنف والعمل على حلها وإكساب الأهل مهارات التربية والرعاية حتى يتم دمج الطفل مع عائلته في النهاية بعد أن تتاح له بيئة أسرية مناسبة.
وأكدت أن الجلسات والبرامج المتاحة للطفل تعينه على تنمية شخصيته، ليكون أقدر على مواجهة الظروف والتغيرات التي يمر بها وليتمكن من طلب المساعدة إذا لزم الأمر، كما يقدم له المركز الرعاية اللاحقة لحمايته من أي صدمات أخرى ويتابع حالته باستمرار بالعمل مع الشركاء.
استشارات
من جانبها، قالت الدكتورة آمال عبد العال، مستشار قانوني في المركز: «يقدم المركز الاستشارات القانونية والاجتماعية والنفسية للعمل على حل المشكلات الأسرية التي من شأنها أن تؤثر على الطفل».
وأضافت: «نلاحظ معاناة الأطفال الذين نستقبلهم وآلامهم النفسية جراء تجارب العنف التي مروا بها، وبناءً على ذلك يخضعون للتقييم بحيث نقرر لهم ما إن كانوا بحاجة إلى برامج تأهيل نفسي واجتماعي يقدمها الاختصاصيون المدربون لدينا في المركز، أو عرضهم على أطباء نفسيين لدى المستشفيات الخاصة التي نتعاقد معها وتوفير المستلزمات الضرورية لهم كالأدوية وغيرها. ويتم اتخاذ تلك الإجراءات بينما نعمل على إيجاد الحلول القانونية أو الاجتماعية أو النفسية التي تعالج مشكلة العنف في أسرته من جذورها».
أنواع
وبالحديث عن أبرز أنواع العنف والإيذاء التي يشهدها المركز حالياً بين الأطفال، أفادت الدكتورة آمال أن الإهمال هو النوع الغالب لدى الأطفال المستفيدين من خدمات المركز، والذي ينجم عن التفكك الأسري والطلاق والإدمان، وتتم إحالة أغلبهم للمركز من قبل جهات إنفاذ القانون.
واختتمت: «الإهمال من أكثر أنواع العنف والإيذاء شيوعاً بين الأطفال، ولهذا تكونت لدينا قناعة بأن المنبع وأصل المشكلة هو اتخاذ قرار بناء أسرة والإنجاب دون أن يكون الفرد مستعداً بالمهارات الوالدية والقدرة على تقديم الرعاية للطفل، وبالرغم من الخدمات المتوفرة، إلا أن الوقاية وتقديم برامج التوعية والتثقيف لها أهمية قصوى في المركز لمنع العنف من الوقوع».
خبرة
هذا وتمتد خبرة مركز أبوظبي للإيواء والرعاية الإنسانية – إيواء، في رعاية وتأهيل وتمكين الطفل، إلى عام 2008م، أي منذ تاريخ افتتاحه، حيث يستقبل جميع الفئات التي تعاني من العنف والاتجار بالبشر بغض النظر عن الأعمار أو الجنسيات أو المعتقدات. ويعمل الخط الساخن (800 7283) SAVE 800 على مدار الساعة.
ويقدم المركز خدمات الإبلاغ، والإحالة، والدعم والتأهيل الاجتماعي، والدعم النفسي الفردي والجماعي، والاستشارات والدعم القانوني، وعقد جلسات الاستشارات الأسرية، والخدمات الاجتماعية، وتوفير مأوى مؤقت، وإعداد والمشاركة في الدراسات والبحوث والاستبيانات حول العنف والإيذاء والاتجار في البشر، وتقديم إسهامات المجتمع، والمؤسسات، وإدارتها بفعالية ومصداقية.
ساهم بإثراء النقاش حول هذا المحتوى