التعليم عن بعد في الإمارات يكبح مخاطر الوباء

تسبب فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، بحالة من الشلل أصابت المجتمعات في مختلف دول العالم، وتوقفت معه الحركة، وعجلة الإنتاج في مجالات وقطاعات حيوية كثيرة، لتسارع الحكومات بحثاً عن وسائل، بهدف حماية الناس من هذا الوباء، والبحث عن بدائل لإبقاء عجلة الحياة تدور، ولو في حدودها الدنيا.

وعلى الرغم من صعوبة المشهد، وقسوة التداعيات، إلا أن الإمارات تعاملت مع الأزمة بحكمة واحترافية، وسخّرت الإمكانات كافة، ووظفت التكنولوجيا، ومكنت أدوات الذكاء الاصطناعي، لتبني منظومة مطورة خرجت من رحمها قطاعات تألقت في أدائها وإنجازاتها خلال الجائحة.

ولعل قطاع التعليم واحد من مؤسسات الدولة التي نجحت بامتياز في التعامل هذا الفيروس، وآثار الأزمة، إذ أبدع هذا القطاع الحيوي في كبح مخاطر «كورونا» وانطلق يواصل رغم التداعيات، لتستمر منابر العلم مضيئة، تعج بالمعارف والعلوم بلا توقف.

قيادات تربوية أكدت أن التعليم في الإمارات لم يتوقف، وستظل منابر العلم مضيئة بمعارفها وعلومها، وفق سيناريوهات متنوعة مدروسة، وبروتوكولات ممنهجة لبناء الأجيال، موضحين أن المرونة في القرارات، والحنكة في وضع الخطط والاستراتيجيات، وراء استمرارية الدراسة، معتبرة الجهود المخلصة للكوادر والهيئات بمختلف أنواعها في قطاع التعليم، أبطال خط الدفاع الأول لمنابر العلم، وهزيمة «كورونا» وتداعياته وآثاره.
ويرى خبراء وتربويون أن القائمين على قطاع التعليم جنود رفضوا الاستسلام، وركزوا على تذليل المعوقات أمام الجميع، فنجحت منظومة العلم في الدولة، من تحويل التحديات إلى إنجازات، إذ حشدت الهمم والطاقات لتهزم «كورونا»، واختارت «التعلم عن بعد» كطوق نجاة عند مجيء الجائحة، وانتقلت بمرونة فائقة إلى التعليم الهجين الذي يمثل مزيجاً بين «التعلم الواقعي، وعن بعد، والذاتي»، في خطوة تطويرية، تشكل رؤى وفكراً جديداً في مسيرة بناء الأجيال، ليستمر أبناء الإمارات ينهلون العلم بلا توقف.
«الخليج» تقف على تفاصيل تجربة قطاع التعليم، خاصة وأنه الأكبر في الدولة، وكانت حماية الأبناء الذين يزيد عددهم على 1.1 مليون طالب، إضافة إلى الكادر التدريسي والإداري، الشغل الشاغل لقيادة وحكومة الإمارات، وكيف نجح هذا القطاع في التصدي لفيروس كورونا المستجد «كوفيد19»، وأبرز السيناريوهات والبروتوكولات التي تضمن بيئة تعليمية آمنة للطلبة تحت مظلة منابر لا ينطفئ ضياؤها، فضلاً عن أبرز مشاهد التطور في المجتمع المدرسي خلال الجائحة، ومدى ارتباطه برؤى الإمارات المستقبلية.

البداية مع قراءة تحليلية ل«الخليج»، حول المسارات والخطط والآليات التي وضعتها وزارة التربية والتعليم، للتصدي ل«كورونا»، وتسيير ركب العلم واستمرارية التعليم لمختلف مراحل التعليم، إذ نجحت جهود الإمارات في تطبيق منظومة رقمية متكاملة لتوفير التعلم عن بعد، فور مجيء الفيروس التاجي، الذي فرض الإغلاق على المجتمعات وتوقفت معه جميع القطاعات.

1

تقييمات الخبراء لتجربة التعليم عن بعد، أكدت قدرة الإمارات على الانطلاق بالتعليم لأكثر من مليون ومئتي ألف طالب وطالبة في مختلف مراحل التعليم، فضلاً عن التعليم الجامعي الذي اتبع المنظومة ذاتها، في مختلف التخصصات.
قراءة المشهد تؤكد أن «التعلم عن بعد»، أبرز ما أفرزته الجائحة التي أزعجت العالم، وأربكت الحكومات والمجتمعات، وهنا صدقت المقولة: «ربّ ضارة نافعة»، لاسيما وأن الإمارات ضمن أوائل الدول التي نجحت في تطبيق «التعليم الافتراضي»، لتحمي من خلاله منابر العلم ومستقبل الأجيال من خطورة «كورونا» وتداعياته.

خطوة جادة
وفي خطوة جادة نحو التطوير في ظل الأزمة التي امتدت تداعياتها وآثارها لعام 2021، شهدت منظومة العلم في الدولة مستجدات مهمة، في العام الدراسي الجاري 2020-2021، تصدرها تطبيق سيناريو التعليم الهجين، ليقود ركب التعليم ويطبق على الطلبة في جميع مراحل التعليم في المدارس الحكومية والخاصة، إذ يجمع ثلاثة أنواع من التعلم «الواقعي، والذاتي، وعن بعد»، ومنح أولياء الأمور حرية اختيار نوعية التعليم التي تناسب أبناءهم.
نعم، يتلقى طلاب وطالبات الإمارات، تعليمهم من خلال منصات معرفية ذكية، توفر المعارف والعلوم على مدار الساعة، وفق خطط واستراتيجيات جديدة أسهمت في تحقيق نوعية المخرجات، وعلى الرغم من استمرار مخاطر الفيروس، اعتبر القائمون على منظومة التعليم أن أزمة «كوفيد-19»، وسيلة فاعلة لتمكين العلم، وظهور أنواع جديدة من التعليم بمسميات ومسارات مختلفة، تعمل وفق سيناريوهات معرفية جديدة وفعالة، تسهم في تغير وجهة منظومة العلم في المستقبل القريب.

تأهيل الكوادر

1

وزارة التربية والتعليم نجحت في تأهيل وتدريب، المعلمين والكوادر التربوية بمختلف مسمياتها على استخدام التقنيات الحديثة في ظل منظومة التعلم الرقمي، من خلال حقائب تدريبية متخصصة، إذ بلغ إجمالي عدد المعلمين 72 ألفاً و22 معلماً ومعلمة، بواقع 21,153 في التعليم الحكومي، و50,869 في التعليم الخاص.
وسجلت إحصاءات العام الدراسي الجاري، التزام مليون و119 ألفاً و527 طالباً وطالبة في المدارس الحكومية والخاصة، و131 ألفاً و309 متعلمين جامعيين، و141 ألفاً و291 معلماً وإدارياً وفنياً في المدارس، بواقع 43,800 في المدارس الحكومية، و97,491 في الخاصة، و20 ألفاً و032 عضواً في الهيئات بالجامعات على مستوى الدولة.

بروتوكولات العودة
وفي وقفة مع الإطار العام لإعادة فتح مؤسسات التعليم في الدولة، نجد أنه تأسس على 12 محوراً، ضمت «إجراءات السلامة في البيئة التعليمية، التغذية الصحية في المنشآت التعليمية وتشمل إجراءات تشغيل المقاصف، والموارد البشرية وتركز على توفير الكادر للتعليم الهجين، ونظام البيئة الصحية والسلامة، وخدمات النقل و«الدعم»، وتفعيل الرقابة والمتابعة المستمرة، والأنشطة اللامنهجية، مع مراعاة «الغاء جميع الأنشطة الجماعية».
وجاءت بروتوكولات العام الدراسي الجاري، بالتنسيق مع القائمين على إدارة أزمة كورونا، ووفق للوضع الصحي وتطوراته، لتركز على إلزامية إجراء الفحص للطلبة والهيئات بأنواعها، قبل استئناف الدراسة، من خلال خطة تتضمن مراحل الفحص التدريجي للطلبة في التعليم العام «حكومياً وخاصاً»، ومؤسسات التعليم العالي، والهيئات بأنواعها في كليهما، قبل العودة للدراسة، بالتنسيق مع وزارة الصحة ووقاية المجتمع والجهات الصحية المحلية.

مسار زمني
شهدت العودة للمدارس مساراً زمنياً لاستقبال الطلبة في المدارس، يسير وفق 5 مراحل لعودة تدريجية للطلبة، إذ تضم المرحلة الأولى: 25% من أعداد الطلبة بداية العام الدراسي، والمرحلة الثانية 50% لمدة أسبوعين، مقابل 75% للمرحلة الثالثة، لأسبوعين، والمرحلة الرابعة 100% لمدة أسبوع، فيما ركزت المرحلة الخامسة على الرقابة المستمرة وتطبيق البروتوكولات والإجراءات المعتمدة، مع تحديد الصفوف الدراسية المعنية بالعودة في كل مرحلة حسب خطة العودة والتعافي المعتمدة.
وبلغت الكثافة الطلابية المسموح بها في الغرفة الصفية الواحدة في المدارس بمختلف إمارات الدولة 15 طالباً، وفق وثيقة البروتوكولات والاشتراطات والإجراءات التي أقرت تطبيق مسافة 1.5 متر مسافة للتباعد الجسدي بين الطلبة في الفصول الدراسية والمختبرات وغرف مصادر التعلم، وتطبيق مسافة مترين بين الطلبة في المرافق الأخرى للمنشأة التعليمية.
وتطبيق مسافة مترين بين الكوادر التدريسية والكوادر الإدارية، والمحافظة على المسافة المعتمدة للتباعد الجسدي في أثناء تواجد الطلبة في المنشأة التعليمية من خلال وضع ملصقات على الأرض لتحديد أماكن الوقوف.

حقبة جديدة
والإنجاز الأكبر الذي رصدناه خلال الجائحة، ويشكل حقبة جديدة في تاريخ التعليم بالدولة، تجسده المتغيرات الأخيرة، إذ تم استقلال مؤسسات الإمارات للتعليم عن وزارة التربية، إذ بدأت المؤسسة عملها الفعلي لإدارة التعليم الحكومي، وفق صلاحيات مستقلة تعزز كفاءة التعليم الحكومي في الدولة، وتركز صلاحياتها على تعزيز كفاءة قطاع التعليم الحكومي الاتحادي، وتطوير الاستراتيجيات، وخطط عمليات التعليم والتعلم، وبرامج الرعاية الطلابية، وتشغيل وإدارة وإنشاء المدارس ورياض الأطفال؛ فيما تركز مهام وزارة التربية والتعليم مستقبلاً، على التنظيم، وصياغة السياسات والتشريعات، وإصدار التراخيص المؤسسية المهنية، وضمان الجودة والرقابة على المدارس.

رؤى وفكر
حسين بن إبراهيم الحمادي وزير التربية والتعليم، أكد أن الإمارات كسبت الرهان، ونجحت في المحافظة على استمرارية منابر العلم وفق رؤى وفكر جديد، لتحقق مكاسب تربوية وتعليمية واجتماعية كبيرة، تمكن المجتمع التعليمي من إدراك التغير، وتجاوز المعوقات كافة، ليصل العلم إلى أكثر من مليون ومئة ألف طالب وطالبة في مختلف مراحل التعليم، فقد أبدعت الإمارات في التغيرات الأخيرة التي غيرت من خلالها وجهة التعليم في الدولة.
ويرى أن الظرف الاستثنائي الذي يمر به العالم، لمواجهة وباء فيروس كورونا المستجد يحمل في طياته العديد من الإيجابيات لقطاع التعليم، الذي يعد أولوية جعلتنا لا نسمح بأن يخسر الطالب يوماً دراسياً واحداً، لذا تم تطبيق التعلم عن بعد، فالتعلم هدف وطني، حرصت القيادة الرشيدة على دعمه بشتى السبل، لبناء كفاءات متمكنة تقود المستقبل.

مرحلة جديدة
وأوضح أن التعليم الافتراضي والهجين، يشكلان مرحلة جديدة من رحلة التعلم المستمرة في مختلف ربوع الإمارات، ترتكز على التقنية والتعلم الذكي، وأساليب متفردة، تواكب الحداثة، وتسخر التكنولوجيا والموارد التعليمية والأكاديمية، لخدمة الطلبة بعيداً عن العوائق المكانية والزمانية التي تفرضها المستجدات.
وأفاد بأن الوزارة تركز على تحقيق أجندة الدولة المستقبلية ومئويتها 2071، والاستثمار في الممكنات التكنولوجية، وتوظيف الإمكانات والموارد في العملية التعليمية لتكون إضافة نوعية تعزز قدرات ومخرجات المدرسة الإماراتية، وهذا ما نصبو إليه في ظل تسارع وتيرة التنافسية العالمية التي يشكل التعلم أساساً لها.
وأكد أن الظرف الصحي الذي يمر به العالم، رغم مساوئه إلا أنه اختصر سنوات كثيرة، من التحضير والإعداد المسبق، وتهيئة الميدان، والآن هناك قفزات كبيرة تحققت في تطبيق التعلم الذكي من خلال التدريب وجاهزية المنصات الرقمية وتعاون وتشارك كل من المدرسة والطالب وولي الأمر، موضحاً أن التعلم عن بعد، نتاج عمل سنوات ودعم من القيادة الرشيدة، وهو ما أسهم في تفرد هذه التجربة وتميزها على مستوى المنطقة.

الدول السباقة
جميلة المهيري وزير دولة لشؤون التعليم العام رئيس مؤسسة الإمارات للتعليم، أكدت في تصريحاتها أن الإمارات كانت من الدول السباقة في تبني التعلم الذكي حيث ضمنته في استراتيجيتها المستقبلية، موضحة أن الوزارة ركزت على وضع الخطط الضامنة لاستدامة التعليم ووضعت أطراً مرنة تستوعب أي تغيرات قد تفرضها الحالة الراهنة بفعل انتشار فيروس «كوفيد 19» إذ صممت دليل إجراءات لاستئناف العام الدراسي، وقامت بهندسة العمليات المدرسية بما يضمن صحة وسلامة الطلبة والكوادر التربوية وتوفير كل مصادر التعلم بشكل إلكتروني، وغيرها من الخطوات التي أسهمت في استدامة التعليم في الدولة.

تعقيم المدارس
وقامت الوزارة بتعقيم المدارس وخفض طاقتها الاستيعابية والتأكد من التزام الجميع بتعليمات التباعد الاجتماعي، ومنحت المدارس حرية الاختبار في نمط التعليم سواء افتراضياً، أو هجيناً، أو داخل المدرسة من خلال توزيع الطلبة على مجموعتين للدوام خلال أيام الأسبوع، فضلاً عن اعتماد إجراءات لمدى استخدام الطلبة لمنصات التعلم الذكي، التي تتراوح نسبة استخدامها في مختلف المراحل الدراسية ما بين 95% – 99 %.
وتابعت: لم تغفل الوزارة أهمية دمج الطلبة من أصحاب الهمم في منظومة التعلم الذكي المطبقة حالياً، إذ وضعت الوزارة سياسات وضوابط وأدلة لدمج أصحاب الهمم في هذه المنظومة، كما بينت الأدوار المنوطة بالمدرسة وأولياء الأمور لكي تواصل هذه الفئة مسيرتها التعليمية بكل اقتدار ومن دون عوائق.
وأوضحت أن الوزارة ركزت بالتعاون مع شركائها في مختلف لقطاعات على ضمان توفير أدوات التعلم الذكي لجميع الطلبة، من خلال توفير أجهزة حاسوب للطلبة وباقات بيانات للطلبة والمعلمين، فضلاً عن 13 منصة تعليمية في بوابة التعلم الذكي، وتمكين 25 ألف معلم ومعلمة في القطاع الحكومي من أدوات التعلم الذكي، وما يقارب 9200 مدير ومعلم من المدارس الخاصة.

هندسة المناهج
وفي وقفة مع إيمان غالب خبيرة جودة التعليم، أكدت أن وزارة التربية والتعليم نجحت في إعادة هندسة المناهج وطرائق تدريسها، وفق التعليم «عن بعد والهجين»، إذ وضعت تصورات لكل المواد الدراسية، وحددت كيفية تدريسها في حال استخدام أسلوب التعلم عن بعد والتعليم الهجين، مشيرة إلى هذا في حد ذاته إنجاز كبير في ظل الظروف الصحية الراهنة.
وأضافت أن الوزارة راعت تقليل نواتج التعلم عن بعد، للمواد الدراسية إلى الحد الأدنى الذي لا يسبب فاقداً في التعلم لدى الطلبة في المرحلة الأولى من العودة التدريجية، وهذا يشكل فهماً عميقاً للعملية التعليمية، وإدراكاً لطرائق التعامل مع الأزمة بحرفية ومهارة.
وأشارت إلى جدولة زمن الحصص الدراسية، التي أعادت الوزارة إعدادها، بحيث يتم تقليل زمن تواجد الطلبة في القاعة نفسها مع تقليل الزمن الكلي للتواجد داخل المنشأة التعليمية خلال المرحلة الأولى من بدء الدراسة، ثم زيادة فترات تواجد الطلبة زيادة تدريجية وفقاً لتعليمات الوزارة ومراحل الخطورة.
وأكدت أن الإجراء الموفق للوزارة، ضمن سبل التعامل مع تداعيات الأزمة، يكمن في تطبيق الخطط التربوية الفردية لطلبة أصحاب الهمم، ومراعاة كل الاعتبارات في أثناء فترة الامتحانات، حسب فئات الإعاقة وتوفير احتياجاتهم حسب قدراتهم الفردية.

صورة واقعية
في وقفة معه، أكد الخبير خالد عبدالحميد المستشار التربوي بموسوعة التكامل العربي الإفريقي، ل«الخليج»، أن التعلم عن بعد، يعد صورة واقعية للتعليم المستقبلي، الذي يدعو الطلبة للتعلم خارج الغرف الصفية المعتادة، مدعومين بأجهزة مختلفة، مستمعين لمعلمين من اختيارهم، مع تنوع المهارات وقدرات الطلابية.
وأفاد بأن هناك عشرة اتجاهات تحكم مستقبل التعليم في المرحلة المقبلة، تتمثل في تنوع الوقت والمكان، والقدرة على التعلم المشخصن، «الذاتي»، وحرية الاختيار في المحتوى التعليمي ومن يدرسه، والتعلم القائم على المشاريع، والخبرة الميدانية، وتفسير البيانات، وتغير مفهوم الامتحانات، ومركزية الطالب ليكون أكثر استقلالية، والإرشاد والتوجيه كأداة فاعلة مستدامة، والرقمنة التعلمية القائمة على المفاهيم.
وأضاف أن الإمارات تعاملت مع جائحة فيروس كورونا، بحرفية عالية، في مختلف القطاعات، لاسيما التعليم، حيث طبقت أنماط مختلفة للتعليم تضم «التعلم عن بعد والهجين»، وكلاهما يستحوذ على عدد من الإيجابيات، تضم المرونة، والانضباط الذاتي، وإدارة الوقت، وحس المسؤولية، وتطوير مهارات الطلاب الفكرية، وزيادة الدافعية نحو التعليم، وجودة المخرجات، بما يواكب المتغيرات، وتنوع مصادر التعلم، والاعتماد على النفس، وعدم الحاجة للانتقال، والكلفة الأقل.
نتائج مبهرة
حصة الطنيجي عضو الجمعية العربية للروبوت، ركزت في حديثها عن التوجه العالمي في التعليم، إذ ترى أن معظم دول العالم تتجه إلى تطبيق التعليم عن بُعد، لتطوير أنظمتها التعليمية، ومواكبة الثورة التقنية والعلمية المشهودة، لاسيما بعد النتائج المبهرة لهذا النوع من التعليم، موضحة أن الاتجاهات الحديثة والدراسات، تؤكد أن التعليم الافتراضي أو الهجين، هو التعليم المستقبلي.
وحول آثارهما في القطاعات الأخرى في المجتمعات، أفادت بأنها أكثر إيجابية، إذ تعزز مسارات التنمية المستدامة في مختلف المجالات، إذ يسهم التعليم الافتراضي في تنمية الاقتصاد الرقمي، وتحسين فرص تكافؤ التعليم للجميع، وإتاحة التعليم مدى الحياة، وتحسين المخرجات، وتوفير فرص التعليم والتدريب لمن هم على رأس العمل، فضلاً عن تحسين الكفاءة المالية لقطاع التعليم، وضمان المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، ووظائف المستقبل.

تجارب وممارسات
وأكدت أن نظام التعليم عن بُعد، يشهد إقبالاً كبيراً في مختلف الدول التي ركزت على تطبيقه، موضحة أن هناك تجارب مر بها التعليم الافتراضية منذ عام 1887، التي تتبلور في تجربة مراكز التعلم الليلية، من خلال المراسلة البريدية، التي تعتمد على إرسال المواد التعليمية، من المعلم إلى المتعلم من دون تفاعل بينهما، فضلاً عن تجربة التعلم عبر المذياع، أو الوسائل المسموعة والتلفاز، التي تشكل وسائط تعليمية أكثر تطوراً وحداثة، حيث يتم الارتكاز على علمية التعليم، والتعلم على عناصر الصوت والصورة والحركة.
وأوضحت أن تجربة التكنولوجيا الرقمية، التي استندت إلى الحواسيب والشبكة العالمية للمعلومات، كانت الأقوى في ظل التجارب المقدمة حول التعلم عن بعد، إذ أصبحت في الوقت الحالي أبرز التقنيات التي ترتكز عليها نظم تعليمية كثيرة حول العالم.

خطة ممنهجة
وفي نظرة إلى التعليم الجامعي في ظل الجائحة، نجد أن الوزارة أعدت خطة ممنهجة لمتابعة الجامعات، والتأكد من تطبيقها لمجموعة الإجراءات الاحترازية وفق البروتوكولات المعتمدة، لضمان بيئة تعليمية صحية وآمنة، من خلال تبادل البيانات والمعلومات وتوفير التغذية الراجعة أولاً بأول للوقوف على المستجدات، بغرض ضمان بيئة تعليمية آمنة للطلبة.
وتركز الوزارة في المقام الأول على راحة الطلبة وضمان تأقلمهم مع منظومة التعليم، سواء كانت عن بعد، أو نظام الهجين، مع تطبيق نظام التقييم الجديد، إذ تمتلك من المرونة ما يكفي لإعادة النظر أو العمل على تطوير أية قرارات تراها في مصلحة الطلبة الذين يشكلون جيلاً جديداً مؤهلاً بالعلم والمهارات قادراً على قيادة الوطن في المستقبل.
إجراءات احترازية
وهناك العديد من الإجراءات الاحترازية الخاصة التي تتبعها مؤسسات التعليم العالي في الدولة، من أجل تحقيق بيئة تعليمية آمنة وصحية ومحفزة للتعلم عند تشغيل المنشآت التعليمية أثناء جائحة «كوفيد 19»، لاسيما أن الوزارة تركز على استمرار مسيرة التعليم العالي وفق أعلى المعايير العالمية في مختلف الظروف، مع التطبيق الكامل لمستهدفات الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي وتطوير البرامج التعليمية بالتعاون مع الجامعات، ودعم سبل الارتقاء بجودة التعليم وأداء أعضاء هيئة التدريس من أجل الحصول على نتائج جيدة تدعم جهود الدولة في كل المجالات.
وتطبق الجامعات التعليم الافتراضي لطلبة التخصصات النظرية، فضلاً عن استحداث بروتوكولات متنوعة للتخصصات العلمية «العملية»، ويقتصر الحضور الشخصي على عدد محدود من الكوادر والطلبة أصحاب التخصصات العملية والتطبيقية، الذين يتطلب تواجدهم في المختبرات، والمرافق المماثلة لأغراض البحث العلمي.

لائحة سلوك
المحامية مها الجسمي، وقفت معنا على التشريعات والمستجدات التي شهدتها لائحة سلوك المتعلمين في ظل الجائحة، إذ ترى أن وزارة التربية والتعليم أصابت في تطوير بنود اللائحة لضبط سلوكات الطلبة تحت مظلة أنماط التعليم في عصر «كورونا»، إذ لامست واقع المتغيرات التي يشهد التعليم عن بعد وكذا في المدارس بشكل واقعي.
وأكدت أهمية تطبيق لائحة السلوك الطلابي، للحد من التنمر الإلكتروني على منصات التعليم الذكي، وضمان استقرار العملية التعليمية، بلا معوقات أو سلوكات مرفوضة، وضرورة توجيه جميع الطلاب وتثقيفهم بحسب نوعية التعليم الجديدة، ومنعهم من الاستخدام السيئ، والتقييد بالأخلاق على للمنصات الذكية.

تطوير بنود
وأوضحت أن الوزارة تعكف بشكل دائم على إدخال تطويرات على لائحة إدارة سلوك الطلبة في مؤسسات التعليم العام «التعلم الواقعي وعن بُعد» من خلال استطلاع رأي يستهدف فئات تربوية متخصصة، مثل مديري المجالس التعليمية، والنطاقات المدرسية، والأوائل، والمدارس ورياض الأطفال، للاستفادة من تجاربهم وممارساتهم الواقعية، معتبرة أن هذا يشكل خطوة مهمة لضبط إيقاع السلوكات لدى الطلبة، وكبح السلبيات بين المتعلمين.
واقترحت التركيز على تطوير بنود اللائحة وفق التشريعات المعمول بها، والتركيز على التحديث وتطوير طرائق ووسائل ضبط السلوك الطلابي، عبر آراء ومقترحات وملاحظات التحديث والتطوير، لاسيما بعد المتغيرات المتسارعة التي تشهدها منظومة التعليم.

لجان متخصصة
وأكدت ضرورة الالتزام بتشكيل لجنة إدارة السلوك في المدارس، لوضع آليات مقننة وضابطة لكل إجراءات التعامل التربوي مع مواقف وسلوكات الطلبة، فضلاً عن متابعة المخالفات السلوكية واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها، للارتقاء بسلوكات الطلبة وتقليص السلبيات في المجتمع المدرسي.
ومهام تلك اللجان ينبغي أن تركز على دراسة المخالفات السلوكية للطلبة والبت فيها، وتقدير التدابير وفق ما ورد في اللائحة، وإقرار إجراءات إرساء قواعد السلوك الإيجابي بين المتعلمين والحد من المخالفات، فضلاً عن تحقيق التكامل في الأدوار التربوية الموجهة للرعاية الشاملة للطلبة، وإعداد التقارير ورفع التوصيات، حفاظاً على مستقبل الطلبة، وعدم تطور السلوكات السلبية التي قد تقود المتعلمين لجرائم تنظرها أقسام الشرطة، ويفصل فيها القضاء.

خطة آمنة
حرصت وزارة التربية والتعليم على وضع خطة تسليم الكتب الدراسية للعام الدراسي 2020-2021، للمدارس والرياض الحكومية في مختلف إمارات الدولة، وحددت بالتنسيق مع وزارة الصحة ووقاية المجتمع، قائمة تضم 66 مركزاً صحياً في كل من «الشارقة وعجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والفجيرة»، لفحص جميع الكوادر قبل العودة للدوام.

برنامج لإعادة التشغيل
تطوير خطة إعادة تشغيل المنشآت التعليمية «التعافي»، تمت بالتشاور والتنسيق مع: المجلس التنفيذي – أبوظبي، والمجلس التنفيذي – دبي، والهيئة الوطنية للطوارئ والأزمات، ومجلس التعليم والموارد البشرية، ووزارة الصحة ووقاية المجتمع، ودائرة الصحة – أبوظبي، وهيئة الصحة – دبي، فضلاً عن الجهات التعليمية على مستوى الدولة، وتضم: دائرة التعليم والمعرفة – أبوظبي، وهيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، وهيئة المعرفة والتنمية البشرية، ومجلس الشارقة للتعليم، وهيئة التعليم الخاص بالشارقة.

دراسات حديثة
أثبتت دراسات حديثة متخصصة أن طلاب أنظمة التعلم عن بعد، يتمتعون بمهارات فكرية عالية، وقدرة على التوصل للحلول في أسرع وقتٍ ممكن بالمقارنة مع طلاب التعليم النظامي، إذ عند مواجهتهم لأية مشكلة متعلقة بالمنهاج يتبع الطلاب شتى الطرق ويستعينون بمختلف الوسائل للوصول إلى الحل، ما يدعم لديهم مهارات التفكير.

مشاهد إيجابية
من أبرز المشاهد الإيجابية في ظل الجائحة، عدم توقف اختبار الإمارات القياسي «إمسات» الذي يعد معياراً للقبول الجامعي وداعماً لصناع القرار التربوي، إذ وفرت وزارة التربية والتعليم 250 مركزاً لاستقبال الطلبة لتأدية هذا الاختبار.

منظومة رائدة
أكد الخبير التربوي الدكتور وافي الحاج، في تعقيبه على أداء قطاع التعليم في الإمارات خلال «جائحة كورونا»، أن الدولة تتمتع بمنظومة إلكترونية وبنية تحتية تكنولوجية رائدة، مكنت القائمين على قطاع التعليم، من تطبيق نظام التعليم عن بعد في مختلف مؤسسات التعليم، بكفاءة ومن دون أية معوقات.

التعليم العالمي
في نظرة إلى التعليم العالمي، نجد أن تقريراً حديثاً لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو»، كشف عدداً من الفجوات الرقمية، إذ إن هناك 43٪ من الطلبة على مستوى العالم، ما يعادل 706 ملايين طالب، ليس لديهم القدرة على الاتصال بالإنترنت، وحالت أزمة كورونا بين 826 مليون طالب، ما يعادل نصف إجمالي المتعلمين عالمياً، وبين مقاعد الدراسة، نظراً لعدم امتلاكهم جهاز حاسوب منزلي.

هل وجدت هذا مفيدا؟

نعم
لا
محايد
8 people found this helpful

ساهم بإثراء النقاش حول هذا المحتوى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *